
روبابيكيا… نداء من الذاكرة المصرية لا يُنسى
في شوارع مصر القديمة، كان هناك صوت مألوف يملأ الأحياء الشعبية، صوت يعلن عن حضوره قبل أن يُرى، صوت يهتف من بعيد:
“روبابيكيااا… حاجات قديمة نشتريهاااا…”
ذلك النداء الشهير لبائع الروبابيكيا لم يكن مجرد دعوة للبيع أو الشراء، بل أصبح جزءًا أصيلًا من نسيج الحياة اليومية، وقطعة من ذاكرة الطفولة لدى أجيال كاملة من المصريين.
ما هي الروبابيكيا؟
“روبابيكيا” كلمة إيطالية الأصل (Robba Vecchia) تعني “الأشياء القديمة”، وقد تبناها المصريون لتصف كل ما هو قديم أو مستعمل ويمكن بيعه: ملابس قديمة، أدوات منزلية مكسورة، كتب مدرسية، أجهزة كهربائية معطلة، وحتى أثاث تالف.
في قلب كل حي شعبي، كان بائع الروبابيكيا يمر بعربته الخشبية المجرورة بحمار أو “كارو” يدوية، وهو يردد نداءه المميز من خلال ميكروفون بدائي أو بصوته الجهوري. كان هذا النداء ينتظره الأطفال بشغف، ويعتبره الكبار فرصة للتخلص من الأشياء الزائدة مقابل بعض الجنيهات أو حتى سلعة قد يحتاجونها.
الروبابيكيا والتدوير قبل أن نعرف معنى “إعادة التدوير”
قبل أن تصبح فكرة “إعادة التدوير” منتشرة بين الناس، كان بائع الروبابيكيا يُمثل الشكل الشعبي الأصيل لها. فقد كانت الروبابيكيا تُمثل اقتصادًا دائريًا غير رسمي، حيث يتم جمع الأغراض القديمة وفرزها، ثم إعادة بيعها أو تصليحها أو استخدامها في أغراض أخرى.
فعلى سبيل المثال:
-
-
الكتب الدراسية تُباع في “سوق الكُتب القديمة” مثل سور الأزبكية.
-
الأجهزة الكهربائية التالفة تُفكك وتُباع قطع غيار.
-
الملابس تُغسل وتُباع بأسعار رمزية.
-
الأدوات المعدنية تُصهر وتُستخدم في صناعات محلية.
-